مشروع قانون الجرائم المعلوماتية المقترح في العراق غموض يمهد لتقييد جديد للحريات
أحالت منظمة أوهارد في رسالتها المؤرخة 15-5-2019 ملاحظاتها حول مشروع القانون المقترح للجرائم المعلوماتية والمعنونة الى رئاسة مجلس النواب العراقي والمفوضية العليا المستقلة لحقوق الانسان وبعثة الأمم المتحدة في العراق مكتب حقوق الانسان وقد تضمنت الرسالة المرفقة الاتي ,
تبدي منظمة أوهارد الهولندي قلقها من إجراءات الدولة العراقية في تبني مشروع قانون جديد بعنوان قانون الجرائم المعلوماتية والذي تسنى لخبراء المنظمة الاطلاع على مسودته وبصدده نود الإشارة إلى أن حقوق الأنسان وحريته لا يجوز التضحية بها من غير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية لها اعتبارها , مع وضع ضوابط ومقاييس اكثر إحكاما لتحديد ماهية الأفعال المنهي عن ارتكابها ويقرر لها صفة التجريم , ليتسنى للمكلف تجنبها , وبما يزيل الغموض على النحو الذي يجرد المحكمة من سلطتها التقديرية التي تقرر بموجبها وقوع الجريمة أو فرض عقوبة أو تدبير بغير نص , تحرياً لمبدأ الشرعية الجزائية ( لا جريمة ولا عقوبة ألا بنص ) فمشروع القانون المقترح والذي اعد وفق فلسفة عقابية مبالغ بها من حيث عقوبات السجن الطويلة, قد جاء بنصوص تفرض قيود خطيرة على الحرية الشخصية وحرية التعبير عن الراي للمواطن العراقي . من خلال تبنيه مفاهيم ومضامين غامضة ونصوص غير محددة بصورة قاطعة تحمل تعبيرات مرنة وفضفاضة ومتميعه تحتمل اكثر من معنى ,وتفتح الباب واسعاً أمام الاجتهاد والتسيس والاستهداف , من خلال اعتماده مفردات من قبيل ( زعزعة الأمن والنظام العام , الآداب العامة , الجهة المعادية , المصالح العليا , التعريض للخطر ) ويقرر لمخالفة نصوصه عقوبات جسيمة تصل إلى السجن المؤبد وغرامات مالية هائلة تصل إلى خمسين مليون دينار عراقي . وبالعودة إلى نصوص القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 على سبيل المثال لم نجد فيه نصاً يعرف القانون بمقتضاه مفهوم النظام العام والآداب العامة الذي يجرم مشروع القانون المقترح مخالفتها في المواد 3 , 4 منه . وهو الأمر الذي دفع مجلس النواب العراقي في العام 2012 لاستفتاء المحكمة الدستورية في الدعوة المرقمة 63 لسنة 2012 , والتي أوردت تفسيراً أكد الغموض ولم يرفعه, بان قررت أن كلا المفهومين يتغيران باختلاف الزمان والمكان! وأوجبت المحكمة في قرارها أولاً في معرفة أن التصرف أو الفعل يعد مخالفاً للنظام العام والآداب الرجوع إلى التشريعات كافة لتحديد أن الفعل كان محظوراً من عدمه. وبخلافه يكون الرجوع ثانياً للقضاء الذي عليه أن يقرر أن الفعل كان مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة في ضوء القواعد المجتمعية التي توافق عليها أفراد المجتمع في زمان ومكان معينين. ونحن وان كنا نؤيد ما ذهبت اليه المحكمة في الخيار الأول بالعودة لنصوص التشريعات التي تنص على مخالفة الفعل للنظام العام والآداب كونه يتوافق مع مبدأ الشرعية الجزائية فأننا نجد ما ذهبت اليه المحكمة في الخيار الثاني متعارضاً مع ذات المبدأ (لا جريمة ولا عقوبة ألا بنص) وقاعدة أن الأصل في الأشياء والأفعال الإباحة، وانه بغياب النص ليس للقاضي أن يجرم وان كان مؤمناً بخلاف ذلك وفقاً لقناعاته وثقافته. وذات الحال ينسحب على المسميات الأخرى كالجهة المعادية , حيث لم يورد القانون الجزائي العراقي تعريفاً لها بل اقتصرت نصوص القانون العراقي على إيراد مفهومين اثنين هما العدو وعرفته المادة 189/1 من قانون العقوبات للتعبير عن وجود حالة حرب بغض النظر عن الجهة المقابلة سواء كانت دولة أو احد رعاياها أو جماعة سياسية معادية لا تحمل صفة الدولة أو من يعصي الدولة ويحاربها ويعني هنا التنظيمات المسلحة، و مفهوم ( الدولة المعادية ) والذي ربط بين أفعال التجسس والتخابر والتعاون مع الدول والجهات الأجنبية الذي يشير إلى خلاف سياسي وأيديولوجي يتسم نسبيا بالثبات. ألا أننا لم نجد تعريفاً للجهة المعادية ليتسنى للمواطن العراقي تجنبها وبالتالي تجنب معاقبته وفق المادة 3 من مشروع القانون بالسجن المؤبد والغرامة!
ختاماً توصي منظمة أوهارد مجلس النواب العراقي ولجانه التشريعية وعلى وجه الخصوص اللجنة القانونية ولجنة حقوق الأنسان مراعاة ما تقدم , كما وتأمل من مفوضية حقوق الأنسان المستقلة التدخل لدى السلطة التشريعية لذت الغرض .
للاطلاع على الرسالة انقر على الرابط مشروع قانون الجرائم المعلوماتية